العلاقة بين الدعوى الجنائية والعقوبة التأديبية
إذا كان القانون التأديبي مستقلا عن قانون العقوبات لاختلاف ذاتية كل منهما وتغاير مجال تطبيقه فإن الفعل الواحد قد ينشأ منه خطأ تأديبي يستوجب المساءلة التأديبية وفعل جنائي مؤثم قانوناً في الوقت نفسه. والرشوة بوصفها إخلالاً بواجبات الوظيفة العامة ومخالفة لأحكام قانون العقوبات تجمع بين الخطأ التأديبي والجريمة، وحينئذ تتعاون قوى الدولة بجهازيها الإداري والقضائي لمكافحة تلك الجريمة ولا يستقل أحدهما بالاختصاص دون الآخر. وقد أفصح الشارع بما نص عليه غى المادة 17 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 59 لسنة 1959 عن إمكان بلوغ الخطأ التأديبي مبلغ الجريمة، وبالتالي فإن تحري أمر هذا الخطأ يدخل في اختصاص النيابة الإدارية من حيث الرقابة والفحص والتحقيق، حتى إذا أسفر التحقيق عن وجود جريمة جنائية أحالت الأوراق إلى النيابة العامة التي تتولى استيفاء التحقيق والتصرف فيه. ولما كان ذلك فإن مما آثاره الطاعن من بطلان الإجراءات لأنها انصبت على جريمة من جرائم القانون العام مما تختص به النيابة العامة دون هيئة الرقابة الإدارية لا يكون له وجه.
(نقض جلسة 22/5/1961 س12 ق115 ص600)من المقرر أن مجازاة الموظف بصفة إدارية أو توقيع عقوبة عليه من مجلس التأديب عن فعل وقع منه، لا يحول دون إمكان محاكمته أمام المحاكم الجنائية بمقتضى أحكام القانون العام عن كل جريمة يتصف بها هذا الفعل، وذلك لاختلاف الدعويين الجنائية والتأديبية بما لا يمكن معه أن يجوز القضاء في الدعوى التأديبية قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للدعوى الجنائية.
(نقض جلسة 12/6/1967 س18 ق160 ص792)
المعاقبة التأديبية الإدارية لا تمنع المحاكمة الجنائية مادامت الفعلة المرتكبة هي جريمة منصوصاً عليها في قانون العقوبات.
(30/10/1930 مجموعة القواعد القانونية ج2 ق78 ص69، 20/11/1939 ج5 ق7 ص10)
إن الجزاءات التأديبية التي رسمها قانون المحاماة لمساءلة المحامي عن الإخلال بواجبات مهنته لا تحول دون محاكمته جنائياً متى كانت الأعمال التي وقعت منه تكون جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات.