إعلان الرئيسية

سلطة المحكمه في تفسير اتفاق التحكيم

المقدمة

مما لا شك فيه ان  التحكيم يعتبر احد بل اهم الوسائل البديله لحل النزاعات ( التحكيم - التوفيق -- الوساطه ) لذا يعرف التحكيم بأنه تلك الوسيلة التي يتم بموجبها تسوية المسألة محل النزاع و يعهد بهذا الحل   إلى شخص  ( المحكم) أو أكثر (هيئة التحكيم) شريطة اتصافه او اتصافهم بالحياد و الاستقلال ، و يقوم المحكم او هيئة التحكيم بحسب الاحوال بتسوية المسألة محل النزاع و فق الاتفاق المبرم بينهم و بين المحتكمين و وفقا لما هو منصوص عليه في اتفاق التحكيم سواء كان شرطا او مشارطه و يكون حكمهم نهائياً و ملزماً للأطراف المحتكمين ) 
معلومات المحامي : سلطة المحكمه في تفسير اتفاق التحكيم : اعداد ا/ علاءعباس محام


ـ وحتي يمكننا القول بوجود منازعه تحكيميه او انعقاد الاختصاص للتحكيم سواء في شكل هيئة تحكم او محكم فرد  لابد من وجود اتفاق التحكيم و يعتبر اتفاق التحكيم هو دستور الدعوي التحكيمية فهو بمثابة الاساس الذي تقوم عليه اركان الدعوي التحكيميه و نظرا لهذه الاهمية التي يتصدرها اتفاق التحكيم وكونه هو مصدر سلطة المحكمين نجد ان العديد من التشريعات الوطنيه والاتفاقيات والمعاهدات الدوليه جعلت من الكتابة شرطا لجود اتفاق التحكيم ولم تعد الكتابة كالسابق دليل لاثبات الاتفاق  ذاته .

فنجد ان القانون النموذجي للتحكيم الصادر عن لجنة الامم المتحده لقانون التجارة الدولي الصادر في عام 1985 وقد تبني هذا الاتجاة كلا من  الاتفاقية الاروبية واتفاقية نيويورك  ، كما ذهب القضاء المصري الي ان اتفاق التحكيم  يعد دستور التحكيم وأساس مشروعيته ومنه يستمد المحكم سلطته في الفصل في النزاع كما أنه يعد الأساس القانوني المباشر لإخراج النزاع  من اختصاص المحاكم صاحبه الولاية العامة و بالتالي فإن عدم وجود اتفاق تحكيم صحيح يفضي إلى انعدام حكم التحكيم لانعدام ولاية المحكم في إصداره ولافتئات المحكم على السلطة القضائية في الدولة وغصبه ولايتها بما يشكله من اعتداء على النظام العام .

ـ وفي قانون التحكيم المصري نجد ان المشرع قد ساير الاتفاقيات والمعاهدات والقوانين الدولية بشان اعتبار الكتابة شرط وجود  فقد نصت  المادة 12 من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا وإلا كان باطلا  ـ  وتعد الكتابة هنا شرط للانعقاد وليست شرط إثبات وتتجه غالبية تشريعات التحكيم العالمية لاشتراط أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا  ومن هذه التشريعات فرنسا وبريطانيا وبلجيكا والأردن وسلطنة عُمان والإمارات والبحرين وقطر  وهذا ما تطلبته أيضا الاتفاقيات الدولية كاتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها حيث أوردت  في مادتها الثانية فقرة الثانية  لفظ " الاتفاق المكتوب "عند تعريفها لاتفاق التحكيم .

ـ ولكن المستقر عليه انه  لايشترط  نوع  معين في الكتابه سواء كانت عرفيه او رسميه او الكترونيه بل يكفي وجود رسائل متبادلة بالفاكس أو بالتلكس أو بالبريد الإلكتروني أو غير ذلك من وسائل الاتصال المكتوبة ومقتضى ذلك أنه لا يشترط أن يوقع جميع الأطراف على ذات الورقة أو أن يقوموا بالتوقيع عليها في نفس الوقت 

ـ  ولما كان اتفاق التحكيم مثله كأي اتفاق قد يرد علية الغموض او قد يكتنفه اللبس في بعض العبارات  أو الالفاظ التي يستخدمها الخصوم عند ابرامهم لاتفاق التحكيم سواء كان شرطا او مشارطه  وقد يكون هذا الاتفاق  بحاجه الي تفسير ذلك الغموض  ، و هنا يثور التساؤل عن سلطة كلا من هيئة التحكيم  والمحكمة في  تفسير اتفاق التحكيم ؟؟ وهذا ما نتناوله من خلال هذا البحث في مبحثين المبحث الاول نتناول فيه نظرة عامة حول  مفهوم اتفاق التحكيم وصوره والبيانات التي يجب ان يتضمنها اتفاق التحكيم وكيفية صياغة اتفاق التحكيم سواء كان شرطا او مشارطه . والثاني تناول من خلاله سلطة كلا من هيئة التحكيم والمحكمه في تفسير اتفاق التحكيم .


المبحث الاول 

  • نظرة عامة حول مفهوم اتفاق التحكيم .
  • وصورة والبيانات التي يجب ان يتضمنها .
  • اتفاق التحكيم وكيفية صياغته .


يعتبر التحكيم من أهم  واقدم الوسائل  التي ظهرت في مجال حل النزاعات التي تنشاء أوقد تنشاء نتيجة علاقة قانونيه معينه سواء تعاقديه او غير تعاقديه  وتظهر أهمية التحكيم بصفه خاصه في مجال النزاعات المتعلقة بمجالات الاستثمار و التجارة الدوليه و ظهر هذا النظام كبديل للقضاء وتجنبا لبطء اجراءات التقاضي وارتفاع تكاليف اللجوء الي القضاء في بعض الاحيان إلا انه قد اخذ في الانتشار في الاونه الاخير في حل النزاعات التي تنشاء بيـن الافراد بعضها البعض وبيـن الافراد والدول وبيـن الدول وبعضها البعض وبين الهيئات والشخصيات الاعتبارية وبصفه خاصة النزاعات المتعلقة بالحقوق المالية وفي الحدود التي رسمها القانون .

**اولا  مفهوم التحكيم


ـ يعرف التحكيم بأنه  : هو  تلك الوسيلة التي يتم بموجبها تسوية المسألة محل النزاع و يعهد بهذه المسألة إلى شخص (المحكم) أو أكثر (هيئة التحكيم) شريطة اتصافهم بالحياد والاستقلال ، و يقوم المحكمين بتسوية المسألة محل النزاع و فق الاتفاق المبرم بينهم و بين المحتكمين و وفقا لما هو منصوص عليه في اتفاق التحكيم سواء كان شرطا او مشارطه و يكون حكمهم نهائياً و ملزماً للأطراف المحتكمين

ـ وقد عرفت المحكمة الدستوريه العليا  التحكيم بانه / عرض نزاع معين بين طرفين علي محكم من الاغيار يعين باختيارهما او بتفويض منهما وفقا لشروط يحددانها ليفصل في النزاع بقرار يقطع دابر الخصومه وبعد ان يدلي كل منهما بوحهة نظرة من خلال ضمانات التقاضي الرئيسيه وبذلك يكون التحكيم عملا اراديا ركيزته اتفاق خاص  مبناه اتجاة ارادة المحكتكمين الي ولوج هذا الطريق لفض الخصومات بدلا من القضاء العادي وممقتضاة حجب المحاكم عن نظر المسائل التي يتناولها استثناء من اصل خضوعها لولايتها .

الدعوي رقم 155 لسنة 20 قضائه  دستوريه 13 /1 / 2002  الجريدة الرسمية العدد 4 تابع  24 /1 /2002

ـ كما عرفت محكمة النقض المصريه التحكيم بانه طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج علي طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات ومن ثم فهو مقصور حتما علي ما تنصرف ارادة المحتكمين الي عرضه علي هيئة التحكيم .

نقض جلسة 16 /2 /1971 سنة 22 ص 179

منشور بالتعليق علي قانون المرافعات للديناصوري وعكاز الطبعة السابعه صــ 1506 ،1507

**ثانيا مفهوم اتفاق التحكيم


ـ لكي يمكننا القول بوجود خصومه او  نزاع مطروح علي هيئة التحكيم سواء كانت الهيئة مشكلة من محكم فرد او اكثر من محكم  لابد من وجود اتفاق التحكيم وهذا الاتفاق هو دستور الدعوي التحكيميه ومصدر سلطة هيئة التحكيم فمتي انعدم وجود الاتفاق علي التحكيم انعدم معه بالتبعيه اختصاص هيئة التحكيم وولايتها في نظر النزاع والفصل فيه   .

اتفاق التحكيم في قانون التحكيم المصري

ـ عرفت الماده العاشرة من القانون رقم 27 لسنة 1994 قانون التحكيم المصري في فقرتها الاولي  اتفاق التحكيم بانه "اتفاق الطرفين علي الالتجاء الي التحكيم لتسوية كل او بعض المنازعات التي نشأت او يمكن ان تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونيه معينه عقدية  كانت او غير عقديه ".

اما ما نصت عليه ذات المادة في الفقرتان الثانيه والثالثة  ما هو الا بيان للصور التي يمكن ان يكون عليها اتفاق التحكيم فالمستفاد من الفقرتان ان اتفاق التحكيم قد يكون سابقا علي قيام النزاع او لاحقا عليه أي بعد قيام النزاع او في صورة احاله في العقد الي وثيقة تتضمن شرط تحكيم ويجب ان تكون هذه الاحالة واضعه في اعتبار ان شرط التحكيم الوارد في تلك الوثيقه جزءا من العقد .

اتفاق التحكيم في القانون النموذجي واتفاقية نيويورك

ـ عرفت المادة السابعة من القانون النموذجي للتحكيم ( الاونيسترال) اتفاق التحكيم بانه هو اتفاق بين الطرفين علي ان يحيلا الي التحكيم جميع او بعض المنازعات  المحددة التي نشأت او قد تنشأبينهما بشان علاقة قانونيه محددة تعاقدية كانت او غير تعاقدية ويجوز ان يكون اتفاق التحكيم في صورة شرط وارد في العقد او في صورة اتفاق منفصل .

ـ كما ان اتفاقية نيويورك للتحكيم 1958 في مادتها الثانية اتفاق التحكيم بانه الاتفاق المكتوب الذي يلتزم بمقتضاه الاطراف بان يخضعوا للتحكيم كل او بعض المنازعات الناشئة او التي قد تنشأ بينهم بشان موضوع من روابط القانون التعاقدية او غير التعاقديه المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم .

 ـ وبالتالي يمكننا القول بان اتفاق التحكيم هو ذلك الاتفاق المكتوب  فيما بين طرفي العلاقة  القانونية  علي اللجوء للتحكيم بشان المنازعات التي نشأت بالفعل  او قد تنشأ فيما بينهما عن ذات العلاقة القانونيه او غيرها من العلاقات القانونيه سواء كانت تعاقدية او غير تعاقدية شريطة ان تكون المنازعه تصلح لان تكون محلا للتحكيم .

** ثالثا صور الاتفاق علي التحكيم


من المقرر وفقا لنص المادة العاشرة من قانون التحكيم المصري الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 ــ 1 ـ اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية

2 ـ و يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع سواء قام مستقلا بذاته أو ورد في عقد معين بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بين الطرفين ، وفى هذه الحالة يجب أن يحدد موضوع النزاع في بيان الدعوى المشار إليه فى الفقرة الأولى من المادة (30) من هذا القانون ، كما يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت فى شأنه دعوى أمام جهة قضائية وفى هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا 3ـ ويعتبر اتفاقا على التحكيم كل إحالة ترد فى العقد إلى وثيقة تتضمن شروط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة فى اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد .

وبناء علي ما تقدم وما اوردة المشرع المصري بشان اتفاق التحكيم يمكننا القول بان للاتفاق علي التحكيم ثلاث صورة هي:ـ

* الصورة الاولي / لاتفاق التحكيم  ( شرط التحكيم )


ويقصد به  الاتفاق فيما بين طرفي العلاقة قبل قيام النزاع على اللجؤ للتحكيم سواء  كان هذا الاتفاق مستقلا بذاته أو احد البنود الواردة في العلاقة التعاقدية وهنا يكون الاتفاق علي التحكيم سابق علي نشوب النزاع . وهذا ما قصدة المشرع عندما نص في المادة العاشرة من قانون التحكيم المصري علي  انه " يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع سواء قام مستقلا بذاته أو ورد في عقد معين بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بين الطرفين ، وفى هذه الحالة يجب أن يحدد موضوع النزاع في بيان الدعوى المشار إليه فى الفقرة الأولى من المادة (30) من هذا القانون "

* الصورة الثانيه / لاتفاق  التحكيم ( مشارطه التحكيم )


وتعنى اتفاق طرفي النزاع على اللجؤ إلى التحكيم بعد قيام النزاع وان كانت هناك ثمة دعاوى أقيمت أمام المحاكم . وهو ما صرح به المشرع المصري عند النص بالمادة العاشرة من قانون التحكيم  علي انه  " يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت فى شأنه دعوى أمام جهة قضائية وفى هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا "

* الصورة الثالثة لاتفاق التحكيم ( التحكيم بالاحاله )


وفي هذه الصورة يحيل طرفا النزاع الي احكام عقد اخر او اتفاقيه دوليه او قانون معين او أي وثيقة اخري تضمنت شرط تحكيم شريطة ان تكون العبارات واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد وبالتالي يجب ان تكون الاحالة واضحة يستفاد منها ان المتعاقدين قصدا اعمال شرط التحكيم الوارد في هذه الوثيقة او تلك الاتفاقية فلا تكفي الاشارة الي العقد في مجملة . وهذا ما اكدت علية المادة العاشرة من قانون التحكيم المصري بقالتها " ويعتبر اتفاقا على التحكيم كل إحالة ترد فى العقد إلى وثيقة تتضمن شروط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة فى اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد "

ويعتبر القضاء مستقراً علي ذلك ، ففي قضية تتصل بتنفيذ عشرة أحكام صدرت من هيئة التحكيم شعبة تجارة الحبوب التابعة لسوق بضائع هامبورج خلال المدة من ديسمبر 1967 ويناير 1968 ضد شركة فرنسية ، إذ أن الأخيرة كانت قد تعاقدت مع شركة أجنبية علي شراء كميات من العلف وفقاً لعقود تضمنت الإشارة إلي النموذج المعروف باسم Feeding stuffs no3a ، والذي يتضمن ضمن بنوده المحال إليها شرط تحكيم يقرر اختصاص الهيئة المعروفة باسم : 

The arbitral tribunal of the cereal trade Associalion of the Hamburg ware exchange . 

وعندما نشب النزاع ورفعت الشركة الأجنبية الأمر إلي التحكيم ضد الشركة الفرنسية وصدر حكم التحكيم لصالح الأولي ، امتنعت الشركة الفرنسية المحكوم ضدها تنفيذ الأحكام . ورفع الأمر إلي محكمة استرازبورج المختصة لإصدار أمرها بالتنفيذ فتمسكت الشركة الفرنسية بعدم وجود اتفاق تحكيم وأن الشروط النموذجية المحال إليها لم يكن هناك قبول لها بالإرادة المشتركة للطرفين ولم يكن مطروحاً ذلك سواء في مرحة التفاوض أو أثناء مرحلة التعاقد ورفضت المحكمة الفرنسية هذا الادعاء ويعد هذا الحكم تطبيقاً للمادة الثانية من اتفاقية نيويورك في شأن تنفيذ الأحكام الأجنبية والمبرمة عام  1958 .

وقد استقرت محكمة النقض المصرية علي ذلك حتى قبل صدور قانون التحكيم رقم 27/1994 ، حيث قضت بأنه " لما كان سند الشحن يمثل في الأصل دليل الشاحن أو المرسل إليه قبل الناقل ، فإنه يتعين أن يفرغ فيه كافة الشروط الخاصة بعملية النقل بحيث إذا ما اتفق بين طرفي عقد النقل علي الالتجاء إلي التحكيم عن شأن ما قد يثور من منازعات ، يتعين أن ينص عليه صراحة في ذلك السند ، ولا محل للإحالة المجهلة في أمره – بالنظر إلي خطورته – إلي مشارطة إيجار السفينة . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بالإحالة العامة المعماة الواردة في سند الشحن إلي كافة شروط وبنود مشارطة إيجار السفينة والتي تضمنت في البند العشرين منها الاتفاق علي التحكيم ، باعتبارها مندمجة في سند الشحن .... " . وانتهت المحكمة إلي أن الحكم المطعون قد شابه القصور في التسبيب ، وجره ذلك إلي الخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه .

نقض مدني – جلسة 13/7/1992- الطعن رقم 2276لسنة 54 قضائية .

منشور في بحث بعنوان اتفاق التحكيم للاستاذة الدكتور سميحة القليوبي )) ))

 **رابعا البيانات التي يجب ان يتضمنها اتفاق التحكيم شرطا  او مشارطة وكيفية صياغته



ذكرنا فيما سبق ان اتفاق التحكيم سواء كان شرطا او مشارطه يعتبر بمثابة دستور الدعوي التحكيميه وعمادها فهو مصدر سلطة هيئة التحكيم وهو الدرب الذي تسير عليه في كل ما تضمنه من اتفاقات علي التحكيم من حيث الاجراءات بداية من نشأة النزاع وحتي الفصل فية بموجب حكم يصدر عن هيئة التحكيم لذا وجدنا انه يجب ان يحاط هذا الشرط او تلك المشارطه بعناية شيديدة عند تحرير الاتفاق علي ايا منهما فيجب ان يراعي الاتي :ـ

1 ـ بيانات اطراف النزاع او العلاقه التعاقدية


  حيث يجب ان تذكر البيانات الخاصة باطراف العقد المتضمن شرط التحكيم بيانا واضحا بان يذكر الاسم كاملا والمهمنه او الحرفه والجنسيه واسم الممثل القانوني اذا كان احد المتعاقدين او كليهما شخص اعتباري او فاقد للاهليه او قاصرا يذكر ايضا بيانات ممثله القانوني  وكذلك العنوان الذي يتم توجية الاعلانات و المخاطبات والمراسلات عليه .

2 ـ بيان  المنازعات التي يجري بشانها التحكيم


بحيث يتم ذكر المنازعه او المنازعات  التي يمكن ان تنشأ بين الطرفين اذا كنا بصدد تحرير شرط تحكيم او  النزاع الذي نشب بين طرفي العقد علي وجه التفصيل و في غايه من الدقه و اذا كانت هناك ثمة دعاوي مرفوعه بشان هذا النزاع تذكر اذا كنا بصدد مشارطة تحكيم  ويجب ان تكون مما يجوز ان تكون محلا للتحكيم

3 ـ بيان ملخص عن  العقد


يجب علي طرفي مشارطة التحكيم تضمين مشارطة التحكيم  ملخص عن العقد الذي ثار بشانه النزاع  و البنود الهامه ان امكن و بصفه خاصه البنود التي ثار النزاع بشأنها ويمكن ان يكون كالتالي :ـ

و حيث ان الطرف الاول من اطراف المشارطه يري......................... بشان النزاع

بينما يري الطرف الثاني ...................................................... بشان النزاع

وحيث انه  حسما لهذا الخلاف فقد اتفقا فيما بينهما علي تسوية هذا النزاع عن طريق هيئة التحكيم المشكله من :ـ

أ ـ  السيد الاستاذ / ................................... رئيس هيئة التحكيم

ب ـ  السيد الاستاذ /.................................... محكم عن المحتكم

ج ـ  السيد الاستاذ / ....................................محكم عن المحتكم ضده

والتي  تتولي الفصل في المسائل  محل النزاع وفقا للقواعد التاليه................. تذكر القواعد الاجرائيه الي ستطبقها هيئة التحكيم او ينص علي ان الهيئه ستطبق القواعد الاجرائيه لمركز تحكيم معين او  المنصوص عليها في القانون رقم 27 لسنة 1994  الصادر بشان التحكيم في المواد المدنيه والتجاريه والاداريه

4 ـ  القانون الموضوعي


يجب علي الاطراف بيان القانون الموضوعي سواء مدني او تجاري سواء مصري او فرنسي او غيرة من القوانين و الذي يطبق علي النزاع و ان يتم الفصل في النزاع وفقا للاحكام هذا القانون والبنود المنصوص عليها في العقد الذي ثار النزاع بشانه

نذكر مدي  اتفاق الاطراف علي تفويض هئة التحكيم في بالصلح او الحكم وفقا لقواعد العداله والانصاف

5 ـ بيان  مهمة هيئة التحكيم وكيفية  اختيارها  والشروط الواجب توافرها في هيئة التحكيم و العزل والرد و تعيين المحكم البديل

يجب علي طرفا اتفاق اتفاق التحكيم بيان مهمة هيئة التحكيم علي وجه الدقه ببيان  المسائل التي ستتولي الفصل فيها علي وجه الدقه والاوامر الوقتيه التي يحق للهيئة اصدارها وكذا الامر بتوقيع الحجوزات من عدمه وبيان الاجراءات التحفظيه التي لهيئة التحكيم ان تتخذها قبل اي من طرفي النزاع  وكذا  والفتره الزمنيه التي يتم خلالها تسوية النزاع و اللغة التي تستخدم في اجرات الدعوي التحكيمه و تكتب بها كافه االمذكرات التحريريه  و تستخدم في المرافعه الشفويه و التي سوف تصدر بها الحكم و من الملتزم بالمصاريف الاداريه و اتعاب هيئة التحكيم . كما يجب ان يبينا في اتفاقهما الكيفيه التي يتم بموجبها اختيار هيئة التحكيم والشروط الواجب توفرها في المحكم او هيئة التحكيم  وعزل أي من اعضاء الهيئه وردة وكيفية اختيار المحكم البديل

6ـ  بيان  قبول المحكمين للتحكيم في النزاع ويتم التوقيع منهم بما يفيد ذلك و يمكن الاستعاضه عن ذلك باقرارات مستقله بقبول مهمة التحكيم . اذا ما كنا بصدد مشارطة تحكيم


7 ـ بيان ميعاد اول جلسه علي وجه التحديد و اليوم والساعه ومكان انعقادها وان توقيع الاطراف علي المشارطه بمثابة اخطار بموعد الجلسه ومكان انعقادها .


8 ـ  التوقيع علي الاتفاق سواء شرطا او مشارطه  يتم التوقيع من اطراف النزاع وهيئة التحكيم كلا في المكان المخصص له .


هذا ويجدر بنا الاشارة الي مسالة في غاية الاهمية ما هو حال النزاعات المتداوله اما القضاء اذا ما تم تحرير مشارطة تحكيم ؟؟


  • بالنسبة للدعوي التي اقيمت ومتداوله بين طرفي المشارطه  فاطراف النزاع مخيرين بين امرين

  1. اولهما / ترك الدعاوي للشطب واذا ما فشلت اجراءات ومساعي التحكيم يمكن رفع الدعوي مره اخري او تجديدها بحسب الاحوال .
  2. ثانيهما / الاتفاق بين الاطراف علي وقف الدعوي وقفا اتفاقيا وفقا لاحكام قانون المرافعات .

تنوية  هااااااام

ان ما ذكرناه من بيانات يجب ان تذكر في اتفاق التحكيم سواء كان شرطا او مشارطه او في أيا من صور الاتفاق الغرض منها الوصول الي نوع من الصياغة الافضل والمثلي لاتفاق التحكيم  تتضمن كل ما يطراء علي الخصومه التحكيميه من مشكلات وعوارض وهذه  محاولة الي تلاشي بعض النزاعات التي قد تحدث اثناء نظر الدعوي التحكيميه والتي يمكن تداركها اذا ما تم النص عليها في اتفاق التحكيم ... فهذه  البيانات يمكن الاضافة اليها او الحد منها  فما هي الا اجتهاد شخصي  . 

المبحث الثاني


تفسير اتفاق التحكيم


مفهوم التفسير


ـ التفسير لغة هو  البيان والتوضيح لكشف المراد والمقصد .


 ـ أما تفسير النصوص القانونية اصطلاحا فيعني التعرف على المعنى الذي ينطوي عليه النص وما يقصده المشرع من عباراته ، فالوقوف على نية المشرع وإرادته التي عبر عنها بالنص التشريعي هي الغرض الذي يسعى كل من الفقيه ورجل الإدارة والقاضي إلى الوصول إليه من وراء التفسير إلا أن الخلاف يثار عندما يراد تحديد المقصود بإرادة المشرع ونيته. وفي ضوء ذلك تعددت وتنوعت مدارس ومذاهب التفسيروذهب فقهاء القانون بشأن المقصود بتفسير القانون مذاهب شتى ، إلا انه يمكن تمييز اتجاهين رئيسيين بهذا الصدد ، أولهما يضيق من مفهومه تبنته مدرسة التزام النصوص ، وثانيهما يوسع من معناه وتبنته اغلب المدارس القانونية الحديثة .

ـ أما التفسير الضيق فيعني إزالة غموض النص وتوضيح ما أبهم من أحكامه ، ووفقاً لهذا التصور فأن التفسير لا يقع إلا في حالة غموض النص ولا شأن للتفسير بنقص النصوص أو قصورها أو تعارض أجزاء القانون ، لان هذه الأمور ، حسب وجهة النظر هذه ، من اختصاص المشرع لا المفُسر.

ـ بينما يعني التفسير الواسع توضيح ما غمض من ألفاظ النصوص القانونية ، وتقويم عيوبها ، واستكمال ما نقص من أحكام القانون والتوفيق بين أجزائه المتعارضة وتكييفه على نحو يجاري متطلبات تطور المجتمع وروح العصر. والتفسير بهذا المعنى يلازم تطبيق القانون ، سواء كان النص واضحاً أو غامضاً ،لان التفسير ماهو إلا عملية عقلية علمية يراد بها الكشف عن المصلحة التي تهدف إليها الإرادة التشريعية وحكمة التشريع للحكم في الحالات الواقعية وتطبيق القانون على وقائع الحياة الفردية والاجتماعية بتطوراتها الراهنة والمستقبلية فلا يقف تفسير القانون جامدا عند حد معين لا يتجاوزه هو وقت صدور التشريع وإنما يتطور مع تطور الحياة. وهذا هو التفسير المتطور في حقيقته ومعناه.

ولما كان اتفاق التحكيم سواء كان شرط التحكيم في صورة  بندا في العقد او  في صورة مشارطة تم تحريرها بعد نشأة النزاع او كان ايضا قد تضمنه عقدا اخر او وثيقه اخري احال اليها اطراف العقد فيما يتعلق بالتحكيم هو بمثابة عقد رضائي يخضع للقواعد العامه في تفسير العقود

وكان البين من خلال الاطلاع علي مختلف قوانين التحكيم  في العديد من البلدان العربيه كالاردن والامارات وسوريا وغيرهم  وما ذهب الي الفقه والقضاء ان قواعد التحكيم  قواعد اجرائيه تنظم الدعوي التحكيميه منذ نشأة الاتفاق علي التحكيم مرورا بمراحل الدعوي التحكيميه من تقديم طلب التحكيم وحتي اصدار حكم التحكيم واجراءت استصدار الامر بالتنفذ والمحكمة المختصة باصدارة والمحكمه المختصه بنظر المنازعات التي  تعترض الدعوي التحكيميه وهي في مجملها قواعد مكملة يجوز الاتفاق علي مخالفتها .

ولما كان ما تقدم فانه يمكننا القول ان تفسير اتفاق التحكيم يخضع للقواعد العامة في تفسير العقود وفقا لاحكام القانون المدني في ضوء وعلي هدي من المواد 147 في فقرتها الاولي والتي تنص علي ان العقد شريعة المتعاقدين , فلا يجوز نقضه ولا تعديله الا بأتفاق الطرفين , او للأسباب التى يقررها القانون والمادة 148 والتي نصت علي 1 ـ  يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النيه .

ولا يقتصر العقد على الزام العاقد بما ورد فيه , ولكن يتناول ايضا ماهو من مستلزماته , وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الألتزاموكذلك المادة 150 من ذات القانون علي انه

1 ـ اذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الأنحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على ارادة المتعاقدين .
2 ـ اما اذا كان هناك محل لتفسير العقد , فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفى للألفاظ , مع الأستهداء فى ذلك لطبعة التعامل , وبما ينبغى ان يتوافر من امانة وثقة بين المتعاقدين , وفقا للعرف الجارى فى المعاملات


والفقرة الاولي من المادة 151 والتي جري نصها علي  يفسر الشك فى مصلحة المدين

 و القواعد التي يستهدي بها القاضي إلى النية أو الارادة المشتركة للمتعاقدين من خلال قواعد تفسير مستمدة من داخل العقد و يقصد بها تلك المعايير التي تستهدف الوقوف على النية المشتركة للمتعادين من خلال عبارات العقد منها ما نص عليها المشرع وكذلك غير تشريعية 

اولا / القواعد التي نص عليها المشرع

1ـ مبدأ حسن النية من القواعد المهمة الواجب الوقوف عليها عند التفسير،
2- الشرط المألوف وهو وسيلة تساعد القاضي للوصول إلى النية المشتركة ولكن بطريق غير مباشرة ويقصد بها هي الشروط التي تكون مندرجة في العقد ولو لم تذكر فيه، وإنما تكون مفهومة ضمنيا لدى المتعاقدين، والشرط المألوف يتعلق بالقواعد المكملة للعقد
3- طبيعة التعامل وتبحث في  نوع العقد الذي قصد المتعاقدان ابرامة أو بمعنى أخر التنظيم القانوني للموضوع الذي عالجة المتعاقدان في العقد بينها،
4- الأمانة والثقة ما هي إلا تكريس لمبدأ حسن النية الذي يجب أن يسيطر على العقود سواء في ابراهمها أو تنفيذها
5- الاستهداء بروح العقد والغرض منه إذا كان الطرفان قاما العقد لتحقيق غرض معين كالاقتصادي  فإنه يمكن للقاضي الاستعانه بهذا الغرض في تحديد المعنى الغامض لبعض الشروط
6- قاعدة اعمال الكلام خير من إهماله
7- قاعدة مراعاة العقد في مجموعة أي أن العقد كلا لا يتجزأ وشروطه متكاملة يشرح كل منهما الآخر ويوضحة .
8 ـ قاعدة ان الشك يفسر لمصلحة المدين


ثانيا / القواعد التفسير المستمدة من خارج العقد

وهي كالتالي :-

1- العرف الجاري في المعاملات كالمعاملات التجارية والبحرية،
2- ظروف المتعاقدين المحيطة بالعقد و ينظر لها من ناحية الصفة، والمهنة، والعلاقة الشخصية
3 - طريقة تنفيذ العقد وهي وسيلة تتضح بها إرادة المتعاقدين، وشروطه - أن يكون التنفيذ لاحقا على ابرام العقد - علم المتعاقدين بطريقة التنفيذ التي يتبعها المتعاقد ألآخر أن تكون قد مضت مدة زمنية معقولة على التنفيذ ولم يعارض أحد المتعاقدين فإذا تحققت الشروط في طريقة التنفيذ يمكن للقاضي أن يستخلص النية الحقيقية التي قصدها المتعاقدان .


هذا ويمكننا القول بان قواعد ومباديء  تفسير اتفاق التحكيم

يمكن حصرها في ثلاث مباديء

المبدأ الاول : 

 من مبادي التفسير التي يجب ان تتبعها المحكمه او هيئة التحكيم عند تفسير اتفاق التحكيم  يقضي بأنه إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين وهذا ما اكدت عليه الفقرة الاولي من المادة 150 من القانون المدني والتي افادت بانه " اذا كانت عبارات العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف علي ارادة المتعاقدين " ويؤكد ايضا هذا المبدأ ما نصت علي المادة 147 من القانون المدني في فقرتها الاولي والتي نصت علي ان " العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديلة الا باتفاق الطرفين او للاسباب التي يقرها القانون "  كما ان نص الفقرة الاولي من المادة 148 من ذات القانون تقضي بانه  " يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقه تتفق  مع ما يوجبة حسن النيه "  كما لو اتفق الطرفان وهما بصدد تحرير عقد بيع بان أي نزاع ينشأ بشان هذا العقد يتم تسويتة عن طريق التحكيم وفقا لقواعد مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم  . وفي هذا المثال نجد ان الاتفاق علي الاحالة للتحكيم واضحه لا لبس فيها وان التحكيم سيتم وفقا لقواعد مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم واما وضوح العبارات فلا مجال للتفسير ولا يجوز للمحكمه او هيئة التحكيم الخروج علي هذا الوضوح بدعوي تفسير الاتفاق  او الوقوف علي ارادة الطرفان واستقلال محكمة الموضوع بسلطة تفسير العقود والاتفاقات شرطه الا تخرج عن المعنى الذي تحتمله عباراتها أو تجاوز المعنى الظاهر بها وانه متي كانت عبارات العقد الصريحة الواضحة القاطعة الدلالة على المراد منها لا يجوز الخروج عليها أو تخصيصها أو تقييدها تحت دعوى التفسير .

و قد لا تكون إرادة الطرفين واضحة على النحو المذكور، وانما ينتابها غموض بحيث يقتضي الأمر تفسير عبارات الاتفاق لإزالة هذا الغموض. ومثال ذلك ان ينص الاتفاق على تسوية النزاع حسب قواعد مركز التحكيم التجاري المصري في القاهرة ويبدو الغموض هنا من ناحية انه لا يوجد مركز للتحكيم في القاهرة باسم  مركز التحكيم التجاري المصري وهذا يثير التساؤل عن قصد الطرفين من هذه العبارات , كما ان هناك غموضا آخر يتعلق بنية الطرفين  وما قصداه من العبارات الواردة في اتفاقهما, فالطرفان اتفاق على إحالة النزاع لهذا المركز دون بيان ما اذا كانا قصدا تسوية النزاع عن طريق التحكيم، أم تسويته بطريقة أخرى مثل التوفيق . وازاء هذا الغموض فانه يجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين وهنا تبرز اهمية المبدأ الثاني من مباديء التفسير .

المبدأ الثاني :

من القواعد العامة في التفسير، أنه إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للطرفين، دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل، وبما ينبغي ان يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقا للعرف الجاري في المعاملات،وقد قضي بأنه متى كانت محكمة الموضوع قد أخذت في تفسير مشارطة التحكيم بالظاهر الذي ثبت لديها،  فأعملت مقتضاه، فانه لا يكون عليها العدول عن هذا الظاهر إلى سواه، إلا إذا تبين لها ان هناك أسبابا تدعو إلى هذا العدول           

نقض مدني رقم 176، المكتب الفني لسنة 9، ص 573

 ـ  وفي قضية نص عقد المقاولة على إحالة الخلافات الناشئة إلى التحكيم تقدم المقاول من صاحب العمل بمطالبة اقر بها الأخير بمستحقات المقاول بموجب سند موقع عليه من صاحب العمل، إلا انه مع ذلك لم يدفع مبلغ المطالبة. فأقام المقاول دعوى قضائية للمطالبة بقيمة الدين الوارد في السند، إلا ان محكمة النقض أيدت محكمة الاستئناف التي قررت عدم اختصاص القضاء ولائيا بنظر الدعوى، وانه يجب اللجوء إلى التحكيم لتسوية النزاع  

                    نقض مدني رقم 52، تاريخ 27/2/994، المكتب الفني لسنة 45، ص 447.

هذا وقد لا تتمكن المحكمة من تفسير العبارات الغامضه والوصول الي النية المشتركة للمتعاقدان فينتاب الاتفاق الغموض فيري البعض من الفقه انه يمكن الارتكان الي المبدأ الثالث وهو ان الشك يفسر لمصلحة المدين وبالتالي اذا ما ثار الشك حول اتفاق الاطراف علي الاحالة للتحكيم من عدمه كان الراجح هو عدم الاحالة للتحكيم وان النزاع فيما بينهم يخضع بحسب الاصل للقضاء في حين  يري البعض الاخر  عدم تطبيق هذه القاعدة على اتفاق التحكيم. والسبب في ذلك ان هذا الاتفاق، بطبيعته، لا يوجد فيه دائن ولا مدين، وانما هو اتفاق إجرائي يتعلق بالاختصاص في نظر النزاع أو، بمعنى آخر، هو اتفاق لنزع الاختصاص من القضاء الرسمي صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات، وإحالته للتحكيم الخاص

هذا وقد ذهب القضاء إلى القول بان اللجوء إلى التحكيم، طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج على طريق التقاضي العادية. وعليه، يتعين على المحكمة عند تفسير اتفاق التحكيم ان تلزم الحيطة والحذر، وان تفسره تفسيرا ضيقا

نقض مدني، رقم الطعن 1029، تاريخ 6/11/1994، المكتب الفني لسنة 45، ص 1337

نقض مدني رقم 345، تاريخ 11/12/1997،المكتب الفني لسنة 48، ص 1457

نقض مدني رقم 8547، تاريخ 22/5/1997،المكتب الفني لسنة 48، ص 780

مما سبق يمكننا القول ان تفسير اتفاق التحكيم يخضع للقواعد العامه في التفسير وذلك باعتبارة عقدا رضائيا وان كانت الكتابة شرطا لانغعقادة ولاثباته بل اصبحت شرط وجود فبدون الكتابة لا وجود لاتفاق التحكيم ولما كان الاتفاق علي التحكيم يعتبر في حد ذاته خروجا علي القواعد العامه وهي الحق في اللجوء الي القاضي الطبيعي لذا وجب ان يكون اعمال القاضي او هيئة التحكيم لقواعد التفسير وهما بصدد تفسير اتفاق التحكيم في اضيق الحدود مع التحلي بالحيطة والحذر وصولا الي قصد طرفا الاتفاق من الالفاظ والمعاني وعدم تجاوز قصدهما وانه حال عدم التوصل الي القصد الحقيقي للمعاني و الالفاظ  نظرا للغموض الذي يكتنفها وعدم جدوي التفسير فان اعمال قاعدة ان الشك يفسر لمصلحة المدين اولي بالاتباع  ووجب القضاء بانعقاد الاختصاص للقضاء  وذلك نظرا لان التحكيم يعتبر خروجا علي الاصل العام وهو انعقاد الاختصاص بنظر المنازعات للقضاء  .

هذا وقد نصت المادة 10 من قانون التحكيم المصري في فقرتها الثانيه علي انه

المبدأ الثالث :

 يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع سواء قام مستقلا بذاته أو ورد في80 عقد معين بشأن كل أو بعض المنازعات التي قد تنشأ بين الطرفين ، وفى هذه الحالة يجب أن يحدد موضوع النزاع في بيان الدعوى المشار إليه فى الفقرة الأولى من المادة (30) من هذا القانون ، كما يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت فى شأنه دعوى أمام جهة قضائية وفى هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا   ويذهب الدكتور احمد حسان حافظ الي ان المشرع المصري بهذا النص يؤكد علي قاعدة التفسير الضيق لاتفاق التحكيم ومن ابرز اثار هذه القاعدة ان للخصوم ان يطعنوا في حكم التحكيم الصادر اذا ما خرج فيه المحكم  عن الولايه المحددة لةه في شرط او مشارطة التحكيم وذلك حتي ولو اتفق علي اعتبار الحكم نهائيا وغير قابل للطعن فيه .

هذا وقد نصت ايضا المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك علي انه ( لا يجوز رفض الاعتراف بحكم التحكيم ورفض تنفيذة الا اذا قدم الخصم الذي يحتج عليه بهذا الحكم للسلطة المختصة في البلد المطلوب اليها الاعتراف والتنفيذ الدليل علي ان الحكم فصل في نزاع غير وارد في شرط التحكيم او اتفاق التحكيم او تجاوز حدوده فيما قضي به  .

المستفاد من البحث


  • اولا  / ان اللجوء  للتحكيم يعتبر استثناء من الاصل العام وهو الحق في اللجوء الي القاضي الطبيعي او اللجوء الي قضاء الدوله .
  • ثانيا  / انه يجب صياغة اتفاق التحكيم بطريقة لا لبس فيها ولا غموض ويجب استخدام عبارات واضحة في دلالتها علي قصد طرفي الاتفاق منها .
  • ثالثا / ان القوانين المختلفة للتحكيم لم تضع قواعد لتفسير اتفاق التحكيم مما معناه ان مختلف التشريعات تركت الامر في مسالة التفسير للقواعد العامه في تفسير العقود وبصفه خاصة قواعد القانون الموضوعي الذي يحكم النزاع وفقا لاتفاق الاطراف فاذا لم يتفقا فقانون العقد او قانون الدوله  التي تم تحريرة فيها او قانون الدوله  التي يتم تنفيذ العقد فيها  .
  • رابعا / عدم اللجوء الي تفسير اتفاق التحكيم الا في اضيق الحدود ولا يمكن التوسع في تفسير الاتفاق فهو في استثناء من الاصل العام وهوانعقاد الاختصاص بنظر المنازعات للقضاء .
  • خامسا / ان قاعدة الشك يفسر لمصلحة المدين هي الاولي بالاتباع عندما تعجز المحكمه او هيئة التحكيم عن الوصول الي النية المشتركه لطرفي الاتفاق وذلك بمعني انه اذا ما ثار الخلاف حول ان الاتفاق تضمن اللجوء الي التحكيم من عدمه ولم تتوصل المحكمه او هيئة التحكيم الي النية المشتركه للمتعاقدين او لطرفي الاتفاق فالاولي هو عدم اللجوء الي التحكيم , وكذلك الامر اذا ما ثار الخلاف حول خضوع مسالة معينه للتحكيم من عدمه فالاولي حال عدم الوصول الي النية المشتركة للطرفين هو عدم اخضاعها للتحكيم .




ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق